تسيطر بلبلة غير مسبوقة بخصوص ما نقله الوسيطان الاميركيان توم براك ومورغان اورتاغوس من القيادة السياسية في إسرائيل الى المسؤولين اللبنانيين!
من تحدث من المسؤولين اللبنانيين، وعلى رأسهم رئيس مجلس النواب نبيه بري قال انه لم يتلق من الوفد الأميركي أي جديد يُذكر. رئيس الحكومة نواف سلام ونائبه طارق متري، قالا كلاما بدأ مبهما ومتناقضا، مما احدث تشويشا استفاد منه “مقدسو السلاح”!
رئيس الجمهورية العماد جوزاف عون الذي اناط به الدستور اجراء المفاوضات، اكتفى بالكلام فور مغادرة الوفد الأميركي قصر بعبدا حيث عقد معه اجتماعا في ٢٦ اب/ أغسطس الأخير. بعد هذا الاجتماع، وخلافا للبلبلة التي حصلت لاحقا في المقرات الرسمية ا لأخرى، شكر عون الوفد الأميركي على جهوده واكد التزام لبنان بكل مضامين المذكرة الأميركية التي تمّ تعديلها لبنانيا ووافق مجلس الوزراء اللبناني في السابع من اب/ أغسطس على كل أهدافها!
موقف عون هذا لم ينبع من فراغ، بل جاء بعد “جديد” نقله اليه الوفد الأميركي.
في المؤتمر الصحافي الذي انعقد بعد الاجتماع في بعبدا قالت مورغان اورتاغوس:” إسرائيل راغبة في التوجه خطوة مقابل خطوة مع الحكومة اللبنانية”.
وكان لبنان، عند إقرار المذكرة الأميركية قد شدد على وجوب اعتماد قاعدة “خطوة مقابل خطوة”!
وقال توم براك في المؤتمر الصحافي نفسه إنّ “حكومة لبنان ستقدم اقتراحها في الايام المقبلة حول طريقة نزع سلاح حزب الله، وإسرائيل ستقابلها، حينها، بخطة حول الانسحاب من النقاط الخمس”.
كل هذا يعني أنّ الوفد الأميركي عاد بجديد من إسرائيل. جديد قد لا يعجب هذا المسؤول أو ذاك، ولكنه يبقى جديدا، ويدخل في سياق تطبيق قاعدة ” خطوة مقابل خطوة”!
ولكن، لماذا انكب البعض على نسف كل هذه الوقائع؟ من دون شك، هناك ركب ترتجف في لبنان، فساعة القرار قد زفّت. على مجلس الوزراء ان يقرر الجمعة المقبل ما إذا كان فعلًا ينوي التقدم نوعيا نحو تنفيذ قرار سحب السلاح وحصره بيد الدولة.
ولأنّ “حزب الله” هدد ب” دفاع كربلائي” عن استمرار سلاحه، ثمة من يحاول ابتداع مخارج للحكومة من اجل إسقاط قرارها الاستراتيجي الذي من دونه سيبقى لبنان في حالة فوضى ودمار وعزل واضطراب!
وجد هذا البعض في أقوال السيناتور ليندسي غراهام ضالته، فاعتبر مواقفه الصادمة هي الجواب الأميركي الرسمي.
غراهام المعروف بتأييده غير المشروط لإسرائيل، كان قد اعلن في المؤتمر الصحافي في القصر الجمهوري أنّ “أي نقاش مع إسرائيل بشأن الانسحاب أو الترتيبات الحدودية سيكون بلا جدوى من دون نزع سلاح حزب الله”!
ولكن السيناتور جين شاهين التي كانت هي الأخرى في القصر الجمهوري وتحدثت في المؤتمر الصحافي أصرت على سحب الصدقية “الوسيطة” وقالت إنّ الجواب الإسرائيلي على المذكرة الأميركية موجود حصرا لدى براك-اورتاغوس ولا علاقة لوفد الكونغرس به، لأن لجولته في المنطقة أهدافًا لا صلة لها بالوساطة بين لبنان وإسرائيل ولبنان وسوريا!
وعليه، إنّ سعي البعض إلى البحث عن حجج غير واقعية لتحييد أنفسهم عن معركة قيام الدولة، لن تجدي نفعا، فهي تلحق بهم اللعنة وتُبقي لبنان في الجحيم!
وقد يكون الانفعال المؤسف وغير المهذب لتوم براك في المؤتمر الصحافي، يتحمل مسؤولية إعطاء رافضي نزع السلاح او الخ ائفين منه، حجة لتشتيت الانتباه عن “الجديد” الذي تبلغه المسؤولون بداية واللبنانيون لاحقًا، وفيه موافقة إسرائيل على مواكبة خطوات الدولة بسحب سلاح حرب الله بخطوات تفضي إلى سحب قواتها من الأراضي التي لا تزال تحتلها في جنوب لبنان!