في لحظة غير نادرة من الفظاظة، قال الرئيس الأميركي دونالد ترامب في مقابلة مع مجلة تايم: “لقد تحالفوا مع إيران. كان علينا أن نزيل تلك الرائحة الكريهة.”
الكلام واضح، مباشر، ومقصود: حزب الله هو “الرائحة” التي ترى واشنطن أنها تفسد المناخ في الشرق الأوسط، وتستحق الإزالة.
هذا التصريح ليس مجرد تعبير مجازي، بل هو إعلان نوايا. فالرئيس الأميركي لم يكتفِ بوصف الحزب، بل ربط ذلك بإعادة تشكيل المنطقة، قائلاً إن الشرق الأوسط “ينمو الآن بشكل رائع”، وكأن إزالة الحزب هي من مقوّمات هذا النمو.
في الوقت نفسه لهذا الاعراب عن الازدراء غير المسبوق في التعامل مع حزب الله، جاء تحذير مبعوث ترامب الخاص الى لبنان توم براك ليكمل الصورة: إسرائيل سوف تعود إلى الحرب إذا لم يُنزع سلاح حزب الله.
ثم أطل السفير الأميركي الجديد إلى لبنان ميشال عيسى، قبل توجهه إلى بيروت لتسلم مهامه، ليقول بوضوح: “للصبر حدود.”
ثلاث إشارات متزامنة، من ثلاثة مستويات دبلوماسية مختلفة، كلها تصب في اتجاه واحد: المرحلة المقبلة لن تكون سياسية ودبلوماسية بالضرورة، بل أمنية، وربما عسكرية.
في المقابل، يبدو لبنان عاجزا سياسيًا واقتصاديًا وعسكريًّا، فبعد “المديح التشجيعي” للحكم والحكومة عند الانطلاقة، يتم التركيز راهنا على “خيبة الأمل” بسبب عدم القدرة عن فرض معادلات الدولة على الجميع.
الجنوب يعاني ومعه البقاع، والغارات تتنوّع وتصبح أكثر أذية ودموية، فيما الداخل اللبناني غارق في مستنقع سلطة غير قادرة على الخروج من قاعة الانتظار .
والسيناريوهات الحمراء التي تلوح في الأفق ليست بسيطة، فإسرائيل قد تُقدم على ضربات واسعة، بدعم أميركي، وربما إلى أكثر من ذلك بكثير. وواشنطن تلوّح بفرض عقوبات أوسع، ليس على شخصيات تتعاون مع حزب الله فحسب بل على كل لبنان أيضا بحيث تبقي كل المشاريع المساعدة على انهاض لبنان جامدة ،مما يرفع الضغط على النظام المالي المنهار أصلًا.
الخطر الحقيقي يكمن في أن لبن ان لم يعد يُسأل عن رأيه، بل عن إجراءاته بعدما أصبحت لديه، ومنذ مدة طويلة، كل المعطيات التي على أساسها فقط يمكن إنقاذ لبنان وإلحاقه بركب الشرق الأوسط المعاد تشكيله.
القرارات تُتخذ في واشنطن وتل أبيب، والتحذيرات تُطلق من العواصم، فيما بيروت غائبة، أو مغيبة. والرائحة التي يريد العالم إزالتها بادما أزعجت أنف دونالد ترامب، لا تزال تفرض نفسها على الدولة، وتختبئ خلف شعارات المقاومة، فيما البلاد تنهار.
المسافة الفاصلة عن حلول “يوم الجحيم”، ليست مرحلة نقاش، بل مرحلة حسم. إما أن يستعيد لبنان قراره، أو يُكتب له فصل جديد من الانهيار. فالعالم قرر أن يُزيل “الرائحة الكريهة”، والسؤال الآن: هل سيتحول لبنان إلى ساحة تنظيف؟ أم إلى ساحة حرب؟