في لحظة نادرة من الصراحة الفجّة، يخرج بعض المروّجين الإعلاميين لحزب الله ليقولوا إنّ الانقلاب في مواقف الحلفاء السابقين سببه “انقطاع المصاري”. هكذا، ببساطة، يُقال إنّ الحزب كان يشتري “الغطاء الوطني” بالمال، وإنّ ما تبقّى من تحالفات، كان في جوهره صفقة لا قناعة.
لكن ما لا يُقال، هو أن هذا الاعتراف ليس مجرد زلّة لسان، بل إهانة علنية لتاريخ الحزب نفسه. فمن كان يفاخر بأنه “حركة مقاومة”، أصبح يقرّ ضمنياً بأنه كان يدفع ثمن الشرعية، لا ينتزعها بالإقناع أو الإنجاز.
لطالما قدّم حزب الله نفسه كقوة شعبية، عقائدية، ذات امتداد إقليمي. لكن الأزمة المالية التي تضربه اليوم، بعد تراجع الدعم الإيراني وتعطّل قنوات التمويل، كشفت هشاشة هذا البناء. فإذا كانت الولاءات تُشترى، فإنّها تُباع أيضاً. وإذا كان “الغطاء الوطني” يُمنح مقابل المال، فإنّ غيابه اليوم ليس خيانة، بل نهاية صفقة.
الاعتراف بأنّ المال كان أساس التحالفات، يفتح الباب أمام سؤال أكبر: هل انتهى زمن الهيبة؟ هل بات الحزب عاجزاً عن فرض حضوره إلا عبر التهديد أو التذكير بماضيه؟
في زمن الأزمات، لا يكفي التاريخ وحده. ولا تكفي الشعارات. فمن لا يستطيع الدفاع عن نفسه إلا بالمال، لن يستطيع الدفاع عن أحد.
إذا كان هذا هو الخطاب الجديد، فـ”والنعم” من هذا الانحدار. و”والنعم” من حزبٍ يختار أن يهين تاريخه، بدل أن يراجع نفسه.