"لا تقف متفرجاً"
مقالات الإفتتاحيّةإعرف أكثرالحدثأنتم والحدث
تابعونافلاش نيوز

هل أخطأ نوّاف سلام؟

رئيس التحرير: فارس خشّان
السبت، 27 سبتمبر 2025

كان يمكن لرئيس الحكومة نوّاف سلام أن يتغاضى عن النشاط الذي قرر “حزب الله” أن يقيمه على صخرة الروشة، في إطار برنامج إحياء الذكرى السنوية الأولى لاغتيال السيّدين حسن نصرالله وهاشم صفي الدين، في ما اعتبر أكبر ضربة وجهتها إسرائيل الى الحزب.

لو تغاضى عن التدخل لمنع هذا النشاط، ولكانت الأمور قد مرّت، بالحد الأدنى من التداعيات، خصوصًا وأنّه حدث”عابر”، لأنّ الإضاءة المقررة للصخرة تنتهي بانتهاء البرنامج المقرر.

لكنّ سلام، وفي ضوء الضجة التي أثارها نواب بيروتيّون، قرر التدخل، بما يملكه من صلاحيات، من أجل أن يقول لتوم براك والآخرين، ممّن ينتقدون عجز الحكومة أمام الحزب، بأنّه، فعلًا وليس قولًا، “زمن أوّل تحوّل”، فما كان استباحة في الماضي أصبح منظمًا وممسوكًا ومقوننًا، حاليًّا!

ما حصل يُظهر أنّ الرياح جرت بما لا تشتهي سفن رئيس الحكومة، ف”حزب الله”، خرق عن عمد، الاتفاق الذي تمّ التوصل اليه بين الجهة المنظمة ومحافظ بيروت!

بدا الرئيس سلام، حيال ما حصل، كأنّه، وفق توصيف مستعار من الرئيس الفرنسي السابق فرانسوا هولاند، مرشح لجائزة نوبل للعجز. في الخامس من أيلول/سبتمبر رحب بخطة وضعها الجيش اللبناني لسحب سلاح “حزب الله”، تتنافى مع قرار الحكومة الصادر في الخامس من آب/ أغسطس. في القرار يفترض بالجيش أن يضع خطة من شأنها نزع السلاح في كل لبنان، بمهلة أقساها نهاية العام الجاري، من دون ربط ذلك بأيّ استحقاق آخر، لأنّ قرار بسط سلطة الدولة على كامل أراضيها، يستند الى اتفاق الطائف والبيان الوزاري وخطاب القسم، وليس الى تفاهم وقف العمليات العدائية المتفق عليه بوساطة اميركية بين لبنان وإسرائيل. كان للجيش خطة مختلفة، أعاد ربط تنفيذ قرار الحكومة بتنفيذ التفاهم، وخصص مهلة ٣ أشهر لجنوب نهر الليطاني حصرًا، ولا يمكن الانتقال الى مناطق أخرى قبل الانتهاء من جنوب نهر الليطاني، الأمر الذي يقتضي أن تنسحب إسرائيل، من حيث لن تنسحب حاليًا، أي التلال التي احتلتها في جنوب لبنان ممّا يُسهّل عليها إقامة منطقة حمراء، تمنع دخول أي كان اليها، على طول المنطقة اللبنانية من الحدود.

في ضوء خطة الجيش، وجد سلام نفسه “معزولًا”، فهو في مكان والوزارات والمؤسسات العسكرية والأمنية الأقرب الى رئيس الجمهورية العماد جوزاف عون، في مكان آخر. الجميع يتواصلون مع “حزب الله”، وفي مكان ما يسترضونه، فيما الحزب يصوّب على رئيس الحكومة، من دون انقطاع.

وجاءت فعالية صخرة الروشة. بدت كأنّها مناسبة إما ليعيد سلام الأمور الى نصابها أو لإظهار أنّه في مكان والآخرين في مكان آخر. بدا واضحًا أنّ الأدوات التنفيذية في الدولة ليست بتصرف رئيس السلطة التنفيذية، على الاطلاق!

ويعرف نوّاف سلام أنّ الأجهزة الأمنية لم تفاجأ بما فعله “حزب الله”على صخرة الروشة، عصر الخميس. الجميع كانوا يعرفون أنّ الحزب قرر تمزيق الترخيص الممنوح للمنظمين، بدليل أنّ “النهار” نشرت ذلك في خبرها الرئيس، قبيل أت ينبلج فجر الخميس!

حاليًّا، قرر سلام مواصلة المعركة مع حزب الله. خصص كل وقته كرئيس حكومة من أجل دفع أجهزة الدولة الى القاء القبض على كل من تورط بخرق حدود الترخيص الممنوح لمنظمي فعالية الروشة، من أجل إعادة الاعتبار الى كلمة الدولة، من جهة وإلى توكيد سلطته، من جهة أخرى!

لن يخسر سلام شيئًا من معركته هذه، فإذا خسر فلن تخسر الدولة هيبة فقدتها، مرتين على الأقل، وإذا دُفع الى الاستقالة فلن يكون سهلًا استبداله بأي أحد آخر، في هذه المرحلة، لأنّه، ولو ظهر عاجزًا، إلّا أنّه سيتحوّل الى رمز يدفع ثمن قرار إعادة الاعتبار الى الدولة، وإذا تمّ شل الدولة، فإنّ الاحتلال باق ويتمدد وكذلك الدمار وعجز حزب الله عن العودة الى مواجهة إسرائيل!

في مكان ما، لم يقفز نوّاف سلام عن صخرة الروشة، بل دفع الدولة العاجزة نحو الفراغ، وهي التي كانت تترنح على حافة تلك الصخرة التي طالما اعتمدها اليائسون منصة للإنتحار!

المقال السابق
عون عاد من نيويورك وموقف ""دولتي" بمناسبة اغتيال نصرالله
رئيس التحرير: فارس خشّان

رئيس التحرير: فارس خشّان

مقالات ذات صلة

احتفالية الروشة: استعراض على أنقاض الدولة

روابط سريعة

للإعلان معناأنتم والحدثالحدثإعرف أكثرمقالات

الشبكات الاجتماعية