"لا تقف متفرجاً"
مقالات الإفتتاحيّةإعرف أكثرالحدثأنتم والحدث
تابعونافلاش نيوز

عندما تعترف ايران أنّ سلاح "حزب الله" ورقة في محفظة استثماراتها!

رئيس التحرير: فارس خشّان
الثلاثاء، 26 أغسطس 2025

كلام أمين المجلس الأعلى للأمن القومي في إيران علي لاريجاني، الذي نشره موقع المرشد علي خامنئي، خطير للغاية؛ فهو لا يكشف فقط عن رهان طهران على ما بقي من “جبهة المقاومة” في لبنان وفلسطين والعراق واليمن، كأداة للمساومة أو الاستغلال، بل يفضح أيضاً أزماتها العميقة.

على المستوى الداخلي تعاني إيران من أزمة اقتصادية - حياتية خانقة، وحاجة ملحّة إلى ثروات تُموِّل سباقها العسكري مع إسرائيل.

وعلى المستوى الخارجي تواجه ايران تهديد آلية الزناد النووية التي تعيد العقوبات الأممية، ومحاصرة جيوسياسية غير مسبوقة في جنوب القوقاز، حيث جرى تسليم ممر زنغزور الاستراتيجي إلى واشنطن لـ99 سنة تحت اسم “طريق ترامب الدولي للسلام والرفاهية”.

هذا الممر كان يوفّر لطهران منفذاً حيوياً إلى أرمينيا، ويُخفّف من وطأة العقوبات. لكن المصالحة الأرمينية ـ الأذربيجانية، برعاية الرئيس الأميركي دونالد ترامب، أغلقت هذه النافذة، وحوّلت يريفان من سند واقعي إلى عبء محتمل.

لاريجاني يطرح إذن معادلة واضحة: إمّا الانكفاء وما يحمله من عزلة، وإمّا الاستثمار في “المقاومة” بوصفها ورقة دفاعية وسياسية. برأيه، “حزب الله” وسائر القوى الحليفة ليسوا عبئاً، بل “طاقات متاحة” يجب استخدامها كما يستخدم الخصوم طاقاتهم. الرسالة مباشرة: مواجهة الخنق بالعقوبات والخنق الجغرافي لا تكون بالانسحاب، بل بتوسيع شبكة التحالفات.

إذن، ما تحدّث عنه لاريجاني في حديثه الأخير يكشف عن محاولة واضحة لإعادة صياغة دور “جبهة المقاومة” بوصفها أداة دفاعية وسياسية في وقت تعيش فيه إيران إحدى أكثر مراحلها حساسية منذ توقيع الاتفاق النووي عام 2015. فالتصعيد الغربي حول آلية الزناد، والضغوط الجيوسياسية في جنوب القوقاز، يضعان طهران أمام معادلة دقيقة: إما الانكفاء الداخلي بما يحمله من مخاطر عزل استراتيجي، أو الاستثمار في شبكة التحالفات الإقليمية التي بُنيت طوال العقود الماضية.

من هذا المنطلق، يرفض لاريجاني مقولة أنّ “حزب الله” وقوى المقاومة عبء على إيران. بالنسبة إليه، هذه القوى ليست مجرد امتداد عسكري أو سياسي، بل هي “طاقات متاحة” يجب أن تُوظّف كما يوظّف الخصوم طاقاتهم. في كلامه يتضح أنّ إيران ترى في هذه الجبهة وسيلة لتخفيف الضغط الغربي، إذ تستطيع من خلالها خلق توازن ردعي ورسائل سياسية، في وقت تُهدَّد فيه واشنطن والعواصم الأوروبية بإعادة فرض العقوبات كاملة عبر آلية الزناد. بكلام آخر، يربط لاريجاني بين الحاجة إلى مقاومة خارجية قادرة على إشغال الخصوم، وبين متطلبات الأمن القومي الإيراني المحاصر.

أما في ملف جنوب القوقاز، فيضع لاريجاني إصبعه على مكمن القلق الإيراني: احتمال قطع طريق طهران نحو أرمينيا عبر ممرّ زنغزور. هذا الممر، وإن بدا تفصيلاً جغرافياً، يكتسب بُعداً استراتيجياً بالغ الخطورة بالنسبة إلى إيران، لأنه يهدّد بخنقها جيوسياسياً وحرمانها من منفذ أساسي للتواصل مع الشمال. لاريجاني يلمّح هنا إلى أنّ أيّ تغيير في خرائط الممرّات قد يشكّل خطراً مباشراً، وأنّ طهران يجب أن تواجهه بحزم إن حصل.

المثير في كلامه هو الربط الضمني بين الملفين: فكما أنّ الغرب يوظّف “آلية الزناد” لخنق إيران اقتصادياً وسياسياً، هناك من يحاول خنقها جغرافياً في القوقاز. في الحالتين، الرد الإيراني برأيه لا يكون بالانكفاء، بل بتوسيع دوائر الدعم والتواصل مع “المقاومة”. فالمعادلة التي يقترحها لاريجاني بسيطة: حين يحاصروننا، نستثمر نحن في شبكة تحالفاتنا.

لكن هذا الطرح يطرح أسئلة إشكالية أيضاً: فهل يكفي استثمار طهران في “المقاومة” لصدّ الضغوط الدولية الهائلة؟ وهل يمكن لجبهة تُستنزف في أزمات متلاحقة أن تشكّل رافعة حقيقية للأمن القومي الإيراني؟ ثم، ألا يرتد استخدام هذه الورقة إقليمياً سلباً على الداخل الإيراني، اقتصادياً واجتماعياً، حيث يشتد الخناق أصلاً؟ وهل يُعقل، في ضوء كل التطورات، أن تسلم الدول المعنية باستغلال طهران لمحاولة حرقها على طاولة المقايضة؟

المقال السابق
بيان رئاسة الجمهورية بخصوص كلام براك إلى ممثلي وسائل الإعلام
رئيس التحرير: فارس خشّان

رئيس التحرير: فارس خشّان

مقالات ذات صلة

العميل و...العليل!

روابط سريعة

للإعلان معناأنتم والحدثالحدثإعرف أكثرمقالات

الشبكات الاجتماعية