"لا تقف متفرجاً"
مقالات الإفتتاحيّةإعرف أكثرالحدثأنتم والحدث
تابعونافلاش نيوز

السويداء: وقف نار "تفتيتي"!

رئيس التحرير: فارس خشّان
السبت، 19 يوليو 2025

هذه الإفتتاحية بالصوت والصورة( إنقروا هنا)

وأيضا جولة بالصوت والصورة عن مخطط تقسيم سوريا

> سلك التقسيم طريقه السوري مع رسم إسرائيل بالنار والحديد اوّل خط أحمر حول السويداء ودروز “بلاد الشام”

بلاد الشام بين واقع دروز سوريا ومخاوف تذويب الكيان اللبنان!

في مشهد سياسي يشي بتحول جذري في طبيعة الصراع داخل سوريا، أعلن المبعوث الأميركي إلى سوريا، توم براك، عن التوصل إلى اتفاق لوقف إطلاق النار في محافظة السويداء. المفاجأة لم تكن في الإعلان بحد ذاته، بل في الجهة التي نسجت خيوط هذا الاتفاق: مفاوضات بين رئيس الحكومة الإسرائيلية بنيامين نتنياهو، ورئيس الجمهورية السورية أحمد الشرع.

وما أكد صدقية هذا المعطى، هو أن الرئاسة السورية أعلنت بدورها وقف إطلاق النار في السويداء بعد ساعات فقط من إعلان باراك، ما يؤكد أنّ الرواية الأميركية ليست مجرد اجتهاد دبلوماسي أو محاولة تسويق إنجاز تفاوضي، بل تأكيدًا موثقًا على وجود اتفاق سوري–إسرائيلي فعلي جرى التوصل إليه برعاية أميركية.

وهنا تتضح معالم الصورة الكبرى: لم يعد يمكن اعتبار ما جرى مجرد خطوة ميدانية لضبط الوضع الأمني، بل نحن أمام إعلان عن تدخل إسرائيلي مباشر في الشأن السيادي السوري، تحديدًا في واحدة من أكثر المحافظات تعقيدًا وخصوصية.

أن تحدد إسرائيل شكل الهدنة، وأن ترسم خطوط النار في محافظة داخل العمق السوري، وأن يتم الاعتراف بهذا الدور – ولو ضمناً – من قبل دمشق نفسها، فذلك يعني أن قرار السويداء لم يعد قرارًا سوريًا. بل باتت إسرائيل تتحكم بإطلاق الرصاص أو وقفه، ترسم حدود الخطر وحدود التهدئة، بل وتفاوض على مصير سكان السويداء، كما لو كانت أرضًا واقعة تحت وصايتها، وإن لم تكن محتلة بعد.

بهذا المعنى، يمكن القول إن السويداء قد فُصلت عمليًا عن الدولة المركزية، وأصبح قرارها بيد طرف خارجي، في ما يشبه الاحتلال السياسي غير المعلن.

والأخطر أن هذا التوصيف لم يعد مجرد تحليل أو طرح نظري، بل تؤكده الوقائع: اتفاق تُعلنه تل أبيب، وتلحقه دمشق بإعلان متطابق؛ ومبعوث أميركي يتولى تسويق الإنجاز؛ وصمت دولي يمرر الخطوة بلا اعتراض.

هذه الدينامية تعني أمرًا بالغ الخطورة: أننا أمام نموذج جديد من التفتيت السوري، لا يتم بالقوة العسكرية وحدها، بل من خلال تفاهمات تُجريها العواصم الفاعلة، ويُسلَّم بها محليًا، تحت عنوان “المصلحة” أو “التهدئة”.

وهكذا، تتجاوز دلالة الاتفاق حدود السويداء، لتطرح أسئلة وجودية على مجمل الكيان السوري:

من يملك قرار السلم والحرب؟

من يحق له التفاوض على أراضي الدولة؟

وهل بدأت مرحلة ما بعد السيادة، حيث يُدار الداخل السوري من الخارج، باتفاقات لا تمر عبر المؤسسات الشرعية ولا تخضع للمساءلة الوطنية؟

إن كانت إسرائيل اليوم تفاوض على وقف إطلاق النار في السويداء، فمن يضمن ألا تفاوض غدًا على إدارة درعا، أو اقتسام النفوذ في القنيطرة، أو حتى التواجد العسكري في العمق؟

وإذا كانت دمشق نفسها تسلم بهذا الواقع، فعن أي وحدة وطنية يمكن أن نتحدث بعد الآن؟

ما يجري في السويداء ليس فقط اختبارًا لحدود النفوذ الاسرائيلي بل بروفة صاخبة لمرحلة سورية جديدة، حيث القرار لم يعد محليا والمصير ترسمه طاولات الخارج، فيما الداخل يكتفي بتنفيذ ما تمّ الاتفاق عليه سلفا!

المقال السابق
الرئاسة السورية تعلن وقفاً شاملاً لإطلاق النار
رئيس التحرير: فارس خشّان

رئيس التحرير: فارس خشّان

مقالات ذات صلة

بالخطوط الحمراء ..يبدأ التقسيم

روابط سريعة

للإعلان معناأنتم والحدثالحدثإعرف أكثرمقالات

الشبكات الاجتماعية