"لا تقف متفرجاً"
مقالات الإفتتاحيّةإعرف أكثرالحدثأنتم والحدث
تابعونافلاش نيوز

العميل و...العليل!

رئيس التحرير: فارس خشّان
السبت، 23 أغسطس 2025

لم تعد صفة “العميل” التي يُطلقها “حزب الله” على الذين يُدرجهم في خانة العداء، بسبب مواقفهم الواضحة لمصلحة سحب سلاحه وحصره بيد المؤسسات الشرعية، “تهمة” بقدر ما أصبحت كلمة سوقية عابرة!

أكثر من يكثر من استعمال كلمة “عميل” في تحقير “أعداء الداخل” يعرف ذلك، لأنّ هذه الكلمة حتى تستقيم منطقيًّا وأدبيًّا وفكريًّا ووطنيًّا وقانونيًّا، يُفترض أن تقترن بشروط موضوعية يظهر، لمن يملك حقًّا أدنى من المنطق، أنّها غير متوافرة إلا عند الذين يستسهلون “توزيعها” على الرؤساء والقيادات والمسؤولين والمفكرين والمحللين والإعلاميين والناشطين السياسيين!

“العميل” وفق كل المفاهيم يُفترض أن يكون قد دسّ الدسائس لدى العدو، وأعطاه الحجج لشن حرب على الوطن، وزوّده بمعلومات عن الدولة التي يقيم فيها، وخلاف ذلك من الأفعال!

ومن الواضح أنّ هذه الأفعال لا تنطبق أبدًا على أصحاب الموقف الدستوري المعادي لوجود سلاح بيد منظمات وأحزاب وميليشيات، ولكنها، في الواقع، يمكن أن تنطبق كليًّا على “موزّعي” كلمة عميل!

لقد قدّم “حزب الله” بنفسه، بدخوله عنوة عن الدولة والشعب والجيش، حجّة لإسرائيل لتشن حربًا لا تزال مستمرة على اللبنانيين عمومًا وعلى البيئة الشيعية خصوصًا، وزوّد اللبنانيين بمعلومات مغلوطة عن واقعه العسكري وواقع العدو العسكري، ورفع الشعارات التحريضية المبنية على افتراضات مزيّفة!

ووافق “حزب الله” على اتفاق لوقف العمليات العدائية مع إسرائيل، على الرغم من أنّه اتفاق فيه الكثير من الالتباسات التي من شأنها أن تُبقي لبنان كلّه تحت رحمة “التفوق الإسرائيلي الكاسح”.

وبرفض “حزب الله” ترك سلاحه، يعطي إسرائيل المبررات لتستمر في احتلال أراضٍ لبنانية استراتيجية، ولتقيم حزامًا أمنيًّا ضخمًا داخل الأراضي اللبنانية، وتعمل بالنار والقصف والقتل لإبقائه خاليًا من السكان، ولتطيل أمد أسر مجموعة من اللبنانيين في معتقلاتها!

وبطريقة تعاطي “حزب الله” مع الدولة ومؤسساتها وتهديده بمواجهة الجيش اللبناني، إن هو حاول الاقتراب من سلاحه لسحبه، يمنع المجتمع الدولي من مساعدة اللبنانيين على مستويين: إعادة الإعمار والنهوض الاقتصادي.

وبهذا المعنى، تكون كل المقومات الواجب توافرها في “العميل” منطبقة على سلوك “حزب الله”، لا على سلوك خصومه!

ولهذه الأسباب، طالما وجد كثيرون تلاقيًا في المصالح بين إسرائيل و”حزب الله”، بحيث يقدّم كل طرف خدمات للثاني من أجل تحقيق مصالحه. وشطح كثيرون في اتهاماتهم للحزب إلى درجة وجدوا في تلاقي المصالح هذا مؤامرة بينه وبين إسرائيل على لبنان!

وعليه، يتضح أنّ الساعين إلى سحب سلاح “حزب الله” إنما يسعون إلى تجفيف الحجج التي تستعملها إسرائيل لضرب لبنان واستهداف شعبه واحتلال أراضيه، كما يمهّدون لخدمة اللبنانيين من خلال إقناع المجتمع الدولي بتمويل إعادة الإعمار والمساهمة في النهوض الاقتصادي.

ويريد هؤلاء منع “حزب الله” من أن يحوّل لبنان إلى متراس في جبهة إيرانية، ومحاصرته بكمٍّ خطر من الأعداء، في ظل الانقلاب الكبير في المعطيات الجيوسياسية في المنطقة!

ولأنّ الأمر كذلك، يتعاطى كثير من اللبنانيين بازدراء مع “حزب الله” عندما يطلق على رئيس أو مسؤول أو سياسي صفة عميل!

ومن لا يزال يعطي هذه الصفة بعض الأهمية إنما يفعل ذلك من منطلق أمنيٍّ لا سياسيٍّ، لأنّ لدى هذا البعض مخاوف من أن تكون هذه الشتيمة تمهيدًا لاغتيال أو اعتداء جسدي، تمامًا كما كان يحصل مع مجموعة واسعة من اللبنانيين في الفترة التي امتدّت من صدور القرار 1559 حتى اغتيال المفكر والناشط السياسي لقمان سليم!

باختصار، عندما يتم ربط كلمة “عميل” بالمواصفات الواجبة، يصبح من مصلحة “حزب الله” شطب هذه الكلمة من القاموس عمومًا ومن قانون العقوبات خصوصًا!

المقال السابق
مسؤول مخابراتي أميركي يدفع ثمن مخالفة تقييمات ترامب
رئيس التحرير: فارس خشّان

رئيس التحرير: فارس خشّان

مقالات ذات صلة

نعيم قاسم "حمامة سلام"!

روابط سريعة

للإعلان معناأنتم والحدثالحدثإعرف أكثرمقالات

الشبكات الاجتماعية