حزب الله انتصر. لكن ليس على إسرائيل. بل على الدولة اللبنانية. دولة بلا أنياب، بلا قرار، بلا نية حتى للمواجهة. انتصار بلا معركة، بلا عدو، بلا شرف.
نواف سلام لم يقتل حسن نصرالله. لم يغتل هاشم صفي الدين. لم يستهدف القيادات المخضرمة. إسرائيل فعلت ذلك. ومع ذلك، نُصوّب الغضب نحو الداخل، نحو الدولة، لا نحو القاتل.
صخرة الروشة؟ ليست ساحة مواجهة. هي مسرح استعراض. أما الميدان الحقيقي، فهناك في الجنوب: عيترون، بنت جبيل، مارون الراس، الخيام، عيتا الشعب… هناك تُكتب فصول التحدي. لا على صخرة تُطلّ على البحر وتدير ظهرها للعدو.
ما جرى على تلك الصخرة ليس تحديًا للقاتل، بل استفزاز للدولة. دولة يُفترض بها أن ت نظّف الوسخ الذي خلّفه الحزب وراءه: قراراته، تبعيّته، تهوّره، وافتقاده للحكمة.
من يتحدّى دولة مفلسة، مطلوبة منها مهام بحجم التحرير، وإطلاق الأسرى، وإعادة الإعمار، يكون في موقع الجبان. لأن العدو… في مكان آخر.
نقل المعركة من الجنوب إلى بيروت، من الحدود إلى البحر، ليس بطولة. بل هروب. بل استعراض. بل خسارة جديدة تُضاف إلى سجل الخسائر.
وها هي إسرائيل، بعدما وثّقت كل لحظة على صخرة الروشة، حلّلت، استنتجت، وابتسمت. لبنان؟ لا دولة فيه. وهذا ما تحتاجه إسرائيل لتُكمل مشروعها: منطقة عازلة تفصلها عن لبنان، وتمنحها حرية الغارات والاغتيالات.
بعد احتفالية الروشة، أغارت إسرائيل على البقاع.وغدًا، ستغتال من تشاء، حيث تشاء، متى تشاء. لا أحد يردعها. لا أحد يواجهها. لا أحد يجرؤ.
وحزب الله؟ لا يتحدّى إسرائيل. بل يطلب من دولة هو نفسه يعمل على تفكيكها، أن تواجه نتنياهو.
تخيّلوا: دولة عاجزة أمام من لا يجرؤ على الظهور، مثل الشيخ نعيم قاسم، يُطلب منها أن تواجه رئيس وزراء إسرائيل، الفالت بعنفه، من دون أن تردعه إدانات أو عقوبات أو مقاطعات.
هذا ليس نصرًا. هذا ليس تحديًا. هذا فصل جديد من الانتحار الوطني، بدأ كتابته بلغة خاطئة، في الثامن من تشرين ا لأول 2023.